بقلم ـ زياد غصن: ما بين المدينة والريف «ما صنع الحداد» تنموياً.. فمنذ عدة عقود، والفجوة التنموية المتشكلة بين المدينة والريف تتسع، هذا رغم المشروعات الكثيرة التي كانت تستهدف المناطق الريفية.. في الصحة، التعليم، الخدمات، وغيرها. ويمكن الاستدلال على ملامح تلك الفجوة وسماتها من خلال مراجعة المؤشرات الإحصائية لكل منطقة ريفية، سواء المؤشرات المتعلقة بالخدمات
بقلم ـ زياد غصن:
ما بين المدينة والريف «ما صنع الحداد» تنموياً..
فمنذ عدة عقود، والفجوة التنموية المتشكلة بين المدينة والريف تتسع، هذا رغم المشروعات الكثيرة التي كانت تستهدف المناطق الريفية.. في الصحة، التعليم، الخدمات، وغيرها.
ويمكن الاستدلال على ملامح تلك الفجوة وسماتها من خلال مراجعة المؤشرات الإحصائية لكل منطقة ريفية، سواء المؤشرات المتعلقة بالخدمات الأساسية، أو بالنشاط الاقتصادي والمعيشي للسكان فيها..
وللأسف..
فإن المشكلة لم تعد في الخطط والبرامج الحكومية، الموجهة «نظرياً» ولسنوات طويلة نحو الريف، ومن دون تحقيق اختراقات أو قفزات تنموية لافتة.
والحرب الحالية، كشفت عن جزء مهم من الواقع الاقتصادي والاجتماعي، الذي تعيشه بعض مناطقنا الريفية..
كما أن المشكلة لم تعد في تجاهل رؤوس الأموال الخاصة للريف، وفي مسؤوليتها الاجتماعية.
نحن هنا لا نعمم أو نطلق أحكاماً جازمة، فبعض المناطق الريفية شهدت على مدار السنوات السابقة تحسناً واضحاً في مرافقها الخدمية وبناها التحتية.. وحتى في مؤشراتها التنموية، إنما هذه المناطق لا تزال تشكل حالات مبعثرة، غير قادرة بمفردها على ردم الفجوة الشهيرة.
مشكلة الريف اليوم هي في ترسخ حضوره خلف المدينة في كل الملفات، لدرجة تحول ذلك إلى «ثقافة عامة» تبنى عليها قرارات فردية ومؤسساتية..
فمثلاً.. قليل من الناس يفكر بهجرة المدينة للإقامة في مدن الريف وقراه.. لا بل إن البعض بات يفضل أن يدفن في مقابر المدينة على أن يدفن في مسقط رأسه..!
وحتى على المستوى المؤسساتي، فكل القرارات تتخذ على حساب الريف، وأحياناً من دون الرجوع إلى مستويات إدارية أعلى..
لاحظوا معي أن الأزمات الحالية، التي فرضتها الحرب والحصار، تعالج وتدار انطلاقاً من أن الأفضلية هي للمدينة، ثم يأتي الريف.. وحتى داخل الريف هناك أولويات أيضاً.
فساعات التقنين الكهربائي الأطول هي حكماً من نصيب مناطق الريف، والمشتقات النفطية يجب أن تتوفر أولاً في المدن، ومراقبة الأسواق بسلعها وموادها وأسعارها تكتسب زخماً واهتماماً كبيرين في المدينة..!!
أيّاً كانت المبررات، فإن الضرورة تفرض السير نحو تحقيق «عدالة تنموية» بين المدينة والريف، وإلا فإن الثقافة المتشكلة حول مستقبل الريف وأولوية المدينة، ستظل تضغط نحو حصول متغيرات ديمغرافية وتنموية ليست في مصلحة البلاد..
وتصبح هذه العدالة أكثر ضرورة في مرحلة إعادة البناء، فكل المكاسب التنموية التي حصل عليها الريف قبل سنوات الحرب خسرها لاحقاً، وتعويضها لن يكون بالعملية السهلة في ظل تزاحم الأولويات.. إلا إذا وضعت مرحلة إعادة البناء نصب عينيها إنهاء معادلة.. «ثنائية التنمية».
تشرين
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *