الحقيقة- سومر إبراهيم انطلقت في الآونة الأخيرة مبادرتين الأولى تتعلق بدعم الليرة أطلقها قطاع الأعمال في سورية، نتج عنها صندوق للمساهمة كل حسب قدرته بما يحقق انخفاضاً في سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وكان من نتائج هذه المبادرة لجم الارتفاع المستمر لسعر الصرف وإيقافه عند حد معين وتخفيض سعره بشكل طفيف، وهي مستمرة حتى الآن.
الحقيقة- سومر إبراهيم
انطلقت في الآونة الأخيرة مبادرتين الأولى تتعلق بدعم الليرة أطلقها قطاع الأعمال في سورية، نتج عنها صندوق للمساهمة كل حسب قدرته بما يحقق انخفاضاً في سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وكان من نتائج هذه المبادرة لجم الارتفاع المستمر لسعر الصرف وإيقافه عند حد معين وتخفيض سعره بشكل طفيف، وهي مستمرة حتى الآن.
ويوم أمس انطلقت مبادرة أخرى لدعم تشغيل مشفى سلحب الذي أنشأ بمساهمة أهلية تطوعية والذي أعلنت وزارة الصحة عدم قدرتها على تشغيله الآن بسبب نقص الكوادر وضعف الإمكانيات المالية لتجهيزه بالمعدات، وهذا الأمر خلق ردة فعل لدى الشارع السوري وبعدها تم إطلاق المبادرة التطوعية بشكل عفوي للمساهمة في التشغيل، وبدأ عدد من الأطباء والصيادلة والمخبريين والمحامين وأصحاب مهن أخرى يعلنون عبر صفحاتهم على فيس بوك استعدادهم للعمل التطوعي لتشغيل المشفى.
المبادرتان في الحقيقة ايجابيتان وتنمّان عن روح وطنية لازالت مغروسة في دم المواطن السوري وإن تخللها بعض الانفعال وأحياناً كيل الاتهام هنا وهناك، ولكن في النهاية هي صادرة عن مواطن خارج من حرب طويلة تركت آثارها النفسية والجسدية والاجتماعية والاقتصادية وحتى المعرفية عليه وعلى محيطه.
ولكن هل تعطي هذه المبادرات على أهميتها نتائج كاملة..!؟؟ بالطبع لا .. وهنا لابد أن نعود إلى الدولة ومؤسساتها وتنظيمها وبنيانها المتين الذي يشكل البنية الوحيدة المتماسكة القادرة على تبني هذه المبادرات وإكماها أو الاستفادة منها في مواجهة أي تحدي والوقوف في وجهه.
دعم الليرة من دون تدخل الدولة ناقص.. وتشغيل المشفى من دون تبني الدولة له وإدارته وفق التنظيم المؤسساتي العريق حتماً سيكون فاشل ولن يصمد إلا فترة قصيرة في حال تم تشغيله أصلاً..!!
الانفعال لا يبني مؤسسات، وهنا لا نستطيع أن ننكر دور قطاع الاعمال في سورية خلال الأزمة في الوقوف صفاً واحداً مع القطاعات الحكومية للحفاظ على تماسك الدولة واستمرارها اقتصادياً، ولا نستطيع أن نلغي دور المجتمع الأهلي والمحلي في الحفاظ على مؤسسات الدولة ودعمها وحمايتها وأحياناً تقديم ما هو أكثر، وكذلك نكون جاحدين وغير منصفين إذا نسينا حجم الخدمات الصحية والطبية في كافة المجالات التي تقدمها وزارة الصحة على كافة بقاع الوطن السوري ولكل فرد بدون تمييز وبشكل مجاني تقريباً والتي حافظت على مستوى هذه الخدمات برغم الحرب والتخريب الذي طال المشافي والمنشآت الصحية، ومن غير المنطقي أن نلغي كل ذلك مقابل تقصير معين أو ربما خطأ في طريقة ايصال الفكرة من قبل وزير يمثل مؤسسة عريقة من بنيان الدولة السورية.
بمعنى أخير المبادرات وحدها لا تكفي .. والدولة هي الأم وهي لا تعني حكومة معينة أو أشخاص محددين بعينهم لأن الحكومات متغيرة والأشخاص راحلون.. بل هي كيان مؤسساتي مستمر وهي الوحيدة القادرة على احتضان واستيعاب أبنائها وأعمالهم وانجازاتهم وحتى أخطاءهم.. ومهما قدمت المبادرات الفردية أو الجماعية لا يمكن أن ترقى إلى عطاء الدولة وتفكيرها ورؤيتها.
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *