تهرّب «غير مبرر» من فتح ملف الحمضيات وكل جهة تلقي بالمسؤولية على الأخرى.. مصادر خاصة لـ«الحقيقة»: الصادرات لم تتجاوز 25 ألف طن فقط منذ بداية الموسم.. ماذا عن التصريحات..؟؟

تهرّب «غير مبرر» من فتح ملف الحمضيات وكل جهة تلقي بالمسؤولية على الأخرى.. مصادر خاصة لـ«الحقيقة»: الصادرات لم تتجاوز 25 ألف طن فقط منذ بداية الموسم.. ماذا عن التصريحات..؟؟

مزارعون: اقتلعنا أشجار الحمضيات وجعلناها حطباً للتدفئة.. حمدان : المسؤولية الأكبر تقع على القطاع الخاص.. ولابديل عن زراعة الحمضيات بالساحل خاص- الحقيقة- ميليا إسبر تاريخياً، بقيت مسألة الحمضيات معضلة صعبة الحل من قبل المعنيين بتصديره، حيث اقتصرت على اجتماعات متكررة ومتواصلة لسنوات حتى قبل الحرب، دون أي جدوى ليبقى الخاسر الوحيد هو المزارع وتثبت أرقام

مزارعون: اقتلعنا أشجار الحمضيات وجعلناها حطباً للتدفئة.. حمدان : المسؤولية الأكبر تقع على القطاع الخاص.. ولابديل عن زراعة الحمضيات بالساحل

خاص- الحقيقة- ميليا إسبر

تاريخياً، بقيت مسألة الحمضيات معضلة صعبة الحل من قبل المعنيين بتصديره، حيث اقتصرت على اجتماعات متكررة ومتواصلة لسنوات حتى قبل الحرب، دون أي جدوى ليبقى الخاسر الوحيد هو المزارع وتثبت أرقام التصدير الهزيلة عجزها وسوء ادارة ملف الحمضيات على عكس ما يروج له أصحاب الشأن من مختلف الجهات المعنية .

في الوقت الذي كان اتحاد المصدرين يتفاخر بتصدير الحمضيات ولا يفوت فرصة للحديث بأن الحمضيات السورية تصل إلى العالم ويسجل له هذا الإنجاز، لكنه اليوم يرفض الكشف عن أرقامه رغم محاولتنا المتكررة بذريعة أنه من غير المناسب الحديث عن تصدير الحمضيات في الوقت الراهن لأسباب ليست معروفة لدينا، أما وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وهي الجهة الرسمية والمعنية كذلك بالتصدير  رفضت هي الأخرى إعطاء أي رقم أو معلومة يخص الحمضيات رغم أنها صرحت منذ أكثر من شهر و نصف الشهر أنه تم تصدير 30 ألف طن وهناك عقود مستقبلية لتصدير 80 ألف طن أخرى وبهذا يصل التصدير إلى 110 آلاف طن أي ما يعادل 10% فقط من الموسم، لكنها اليوم تقول أنه لا إحصائيات لديها أبداً، فهل تراجعت عن أرقامها..؟

ومن أجل أن يكون عملنا مهنياً وموضوعياً لم نترك جهة يمكن أن تكون شريكة أو على الأقل مطلعة  على تصدير الحمضيات إلا وحاولنا التواصل معها لكن الأمر ليس بأفضل من سابقاتها  فقد امتنع اتحاد غرف الزراعة عن الإدلاء بأي تصريح له علاقة بمادة الحمضيات وكان الرد ” خلي اتحاد المصدرين يعطيكم  الأرقام أليس هو المسؤول المباشر عن ذلك ..؟؟.

تهرب واضح من كافة المعنين بتصدير الحمضيات عن الإجابة لاستفساراتنا وهذا إنّ دلّ على شيء فهو  يدل على فشلهم بتصدير ولو جزء من الانتاج الكبير لسورية والذي يتجاوز سنوياً 1.2 مليون طن ، فمن يقف وراء هذا الغموض ؟؟

الأرقام من المنبع

لكن لم نيأس في المحاولة حتى وصلنا للمنبع، حيث أن البيانات التي حصلنا عليها تكذب ما يدّعوه من أرقام تصديرية جيدة فقد كشفت مصادر خاصة من معبر نصيب لـ موقع «الحقيقة»  أن عدد السيارات التي دخلت معبر نصيب في عامي  2018- 2019 حتى تاريخه هي 903 سيارات محملة بحوالي 25 ألف طن فقط من الحمضيات دخلت المعبر باتجاه العراق، وهذا الرقم ضئيل جداً ولا يكاد يذكر، فهل هذا عمل بطولي للاتحاد بينما حال المزارعين يرثى له..؟

لا يشكل أي قفزة نوعية

بدوره مدير مكتب الحمضيات في وزارة الزراعة المهندس سهيل حمدان أكد لموقع «الحقيقة» أنّ نجاح تصدير عشرات وحتى مئات البرادات لا يشكل أية قفزة نوعية على مستوى المحصول لأن ذلك لا يتجاوز 1% من إجمالي الحمضيات في أحسن الأحوال)، لافتاً أنّ هذا الأمر مسؤولية عدة جهات حكومية معنية بالتسويق الداخلي والخارجي والجزء الأكبر من المسؤولية يقع على عاتق القطاع الخاص الذي لم يستطع وضع خطط واضحة طويلة أو قصيرة المدى للنجاح في تصدير الحمضيات السورية رغم أنّ نوعيتها   تستطيع المنافسة وإثبات وجودها في أية سوق خارجية في حال وصلت بالشكل المناسب حسب شروط الفرز والتوضيب العالمية المتعارف عليها، ولكن اقتصار التجار وأصحاب مشاغل الفرز والتوضيب بالتسويق إلى العراق والتي تعتبر سوق سورية داخلية أي أنها لا تحتاج لعمليات فرز وتوضيب عالي الدقة وتالياً  لم يحصل تطور يمكن ذكره في مجال إقامة مراكز فرز وتوضيب حسب المواصفات العالمية.

خسارة كبيرة للفلاح

أمام هذا الواقع المؤلم لمحصول الحمضيات يتحدث المزارع يوسف عن حال المزارعين في الساحل حيث يقول  أنّ تكلفة كيلو واحد من الحمضيات يصل إلى أكثر من 30 ليرة كتكلفة مباشرة، إضافة إلى سعر الصندوق وأجرة عمال ونقل وغيرها الكثير، مشيراً إلى أنه في أحياناً كثيرة تكون الأسعار أقل من التكلفة، مؤكداً أنّ الأمطار الغزيرة هذا العام أدت إلى تساقط ثمرة الكرمنتينا ما أدى إلى خسارة كبيرة للفلاحين، ورغم الوعود التي سمعناها عن تعويض للفلاحين والذي لم يشمل إلاّ قلة قليلة من أقارب اللجان المكلفة بالتعويض، منوهاً أن اللجان استولت على ما تبقى من الأموال التي مفترض أنها من حق المزارعين المتضررين..!!!

بينما المزارع ديب أكدّ أن مئات مزارعي الحمضيات في الساحل قاموا باقتلاع أشجار الحمضيات من بساتينهم  لتتحول إلى حطب للتدفئة نتيجة الخسارة المتكررة لهم منذ سنوات طويلة دون وجود أي حل يلوح  في الأفق، ولم يكن أمامهم سوى هذا الخيار الصعب .

تكاليف غير مبررة

مدير مكتب الحمضيات ذكر أنّ تكاليف الإنتاج للحمضيات في سورية من مرحلة الغرسة حتى باب المزرعة من أقل التكاليف على مستوى العالم فهي حوالي 40 ليرة سورية/كغ أي ما يعادل حوالي 0,1 دولار/كغ، ولكن الكلفة الأكبر والغير مبررة والتي تشكل العقبة الأكبر في تطوير تسويق الحمضيات تكمن في عمليات التوضيب والنقل والسمسرة ، مضيفاً أنه حتى معمل العصائر التي كان من الممكن أن يشكل  جزء من الحل للمزارعين لم يكتب له النجاح، حيث تم وضع حجر الأساس له منذ 2015 في موقع معمل الأخشاب باللاذقية بطاقة إنتاج50  ألف طن رغم أن المطلوب وجود معامل عصير حمضيات بطاقة 200 ألف طن، ومع ذلك لم تباشر وزارة الصناعة بتنفيذ هذا المشروع الهام والحيوي حتى تاريخه.

عجز تسويقي

للحمضيات  السورية ميزة نسبية في العديد من المجالات، والتي تسمح لها بمطابقة المواصفات العالمية وحتى التفوق عليها في الأسواق الخارجية، ولكن للأسف لم تنجح الجهات المعنية في تسويق هذه المواصفات والاستفادة منها كميزة تحقق قيمة مضافة كبيرة جداً، ومازلنا نتكلم عن عدم قدرتنا على منافسة المصري والتركي وغيره بحسب ما قاله حمدان،  علماً  أن الحمضيات المحلية وصلت إلى العديد من الدول ولكن عن طريق تجار أتراك أو لبنانيين أو أردنيين أو غيرهم حيث أنها كانت تُصَّدر بدون فرز وتوضيب مناسب وحسب شروط التصدير العالمية، ويتم إعادة الفرز والتوضيب في الدول المجاورة، ليعاد تصديرها وتحقيق أرباح كبيرة من فارق السعر على حساب مزارعينا وتجارنا واقتصادنا، مستفيدين من المزايا الخاصة بالحمضيات السورية نكهة ولون وطعم وخلو من الأثر المتبقي للمبيدات.

50 مليار ليرة قيمة الحمضيات

وأشار حمدان إلى أنّ قيمة الحمضيات السورية حسب الأسعار المحلية حوالي 50 مليار ليرة سورية بينما يمكن أن تصل قيمتها لأكثر من 100 مليار في حال نجاح التصدير، علماً أن الإنتاج يتجاوز سنوياً المليون طن. لكن هذا الإنتاج الضخم لم يرافقه أي اهتمام وتطوير في تقنيات الفرز والتوضيب المختلفة التي تحتاجها ثمرة الحمضيات بعد القطاف بهدف التصدير، باستثناء عدد قليل من المشاغل التي تم انشاؤها وحتى هذه الشاغل المتطورة بنظر البعض، حالياً تعتمد الفرز الميكانيكي للثمار فقط وتفتقر لأهم مرحلة وهي الفرز الالكتروني أو الضوئي (يضمن فرز الثمار حسب اللون والحجم وخلوها من الآفات أو الكدمات التي لايمكن للعين البشرية ملاحظتها) وهو ما يبرر فشل العملية التصديرية للأسواق العالمية خلال السنوات السابقة وبكميات كبيرة حتى تاريخه.

لا بديل عن زراعة الحمضيات

إن ما وصل إليه وضع الحمضيات حالياً لا سيما بعد صعوبة الوصول للأسواق العراقية وتراكم الإنتاج في الأسواق المحلية والانخفاض الكبير في أسعاره جعل المزارعين يبدؤون بإهمال هذه الشجرة، والبعض القليل أصبح يفكر ببديل عنها ليؤمن لقمة عيشه بحسب ما ذكره حمدان، وأنه لابديل عن زراعة الحمضيات في مناطق زراعتها في الساحل وهي الزراعة الأقل كلفة، وتالياً الأقدر على المنافسة وتحقيق القيمة المضافة المرتفعة مستقبلاً، مشيراً إلى أنّ وصول الحمضيات إلى الأسواق الخارجية بمواصفات مقبولة عالمياً ليس بالأمر الصعب في حال وجود تجار ومصدرين يسعون بجدية لفتح أسواق خارجية للحمضيات السورية، وأضاف حمدان  أنه  حالياً يوجد حوالي 50 مشغل فرز وتوضيب للحمضيات في اللاذقية ومنهم فقط أقل من عشرة مشاغل يمكن التصدير منها مبدئياً ولكنها كلها تفتقر للتقنيات الحديثة وخاصة الفرز الالكتروني، بينما في  – في طرطوس لا يوجد سوى مشغل واحد.

الحد من السماسرة

وشدد حمدان إلى ضرورة الحد من دور بعض السماسرة وتجار الجملة والمفرق وتحكمهم بأسعار الشراء والمبيع بدون وجود أي آلية حديثة للمراقبة سوى مراقب التموين الذي يخضع للكثير من المؤثرات الخارجية وحصر دور سوق الهال كوسيط فقط، لافتاً أن هناك أكثر من 50 مليار ليرة سورية تضيع على المنتج ويدفعها المستهلك ولعدد قليل من الأشخاص، مؤكداً  على أهمية  إعادة هيكلة وتنظيم عملية النقل البري والبحري من الموانئ السورية وتأمين مستلزماتها المادية والقانونية وتحقيق شروطها المثلى حسب الشروط العالمية المعروفة، والتخلص من تحكم الشركات من الدول المجاورة بعمليات التصدير لدينا وحصر الأرباح الناتجة عن النقل بالسوريين حكومة وأشخاص، وكذلك وضع شروط وضوابط ومواصفات للحمضيات المراد تصديرها، منوهاً بأهمية إنشاء جهة حكومية متخصصة ومدربة لمراقبة تصديرها من المزرعة مروراً بالمشغل والمرفأ ومتابعتها وتقييمها بعد وصولها للوجهة المقصودة.

أخيراً

وفي الختام لا يسعنا إلا أن نقول بأنّ القائمين على ملف الحمضيات واستناداً إلى الاحصائيات التي حصلنا عليها، نجد أنهم غير جادين في إيجاد حل لمشكلة تسويق الحمضيات داخلياً وخارجياً التي من شأنها  تخفيف أعباء عن المزارعين الذين أرهقهم هذا الموضوع على مدى سنوات طويلة حتى فقدوا الأمل بإنهاء هذه المشكلة، والسؤال هل تستيقظ الحكومة من سباتها وتجد حلاً  قبل فوات الأوان .

هامش: مع اقتراب انتهاء موسم الحمضيات بدأت أسعار الموز ترتفع، رغم أنه أثناء الموسم كانت أسعاره منخفضة جداً فهل هذه حرب أخرى ضد مزارع الحمضيات ..؟؟

Posts Carousel

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

Latest Posts

Top Authors

Most Commented

Featured Videos