الحقيقة تتزاحم صور الأطفال المفقودين من مختلف المحافظات السورية، على صفحات التواصل الاجتماعي، في كلّ يوم صورٌ جديدة… ظاهرة أقلقت السوريين كثيراً، فأين يذهب أطفالهم..؟؟ بعض الأطفال المفقودين عادوا من تلقاء أنفسهم، وبعضهم ساهم ناشطون في «فيس بوك» أن يعيدهم، وآخرون لم يعودوا بعد!! فأين هم اليوم..؟؟ هل هم ضائعون أم مخطوفون؟؟ وهل وجود صورهم
الحقيقة
تتزاحم صور الأطفال المفقودين من مختلف المحافظات السورية، على صفحات التواصل الاجتماعي، في كلّ يوم صورٌ جديدة… ظاهرة أقلقت السوريين كثيراً، فأين يذهب أطفالهم..؟؟
بعض الأطفال المفقودين عادوا من تلقاء أنفسهم، وبعضهم ساهم ناشطون في «فيس بوك» أن يعيدهم، وآخرون لم يعودوا بعد!!
فأين هم اليوم..؟؟ هل هم ضائعون أم مخطوفون؟؟ وهل وجود صورهم بهذا الكثافة التي أقلقت المجتمع السوري، تلمح إلى وجود عمل منظم لخطفهم؟؟ أم أن الموضوع لا يتعدى صعوبة الاهتداء إلى المنزل مجدداَ؟؟
اختفت من أمام منزلها!
تواصلت «الأيام» مع العديد من ذوي الأطفال المفقودين… وكانت حكايا الضياع مؤلمة وصعبة… لم تتوقف (ملاك) ابنة العامين والنصف عن البكاء رغبة منها في الوقوف أمام باب منزلها في منطقة القدم بدمشق، لمراقبة الأطفال الذين يلعبون في الحي، ولم تجد والدتها بأساً في ذلك، تركتها تراقبهم أمام باب البيت وكان قراراً دفعت الأم ثمنه غالياً… فُقدت «ملاك الصيص» من أمام منزل أهلها في القدم منذ حوالي 15 يوماً… ولم تعد!! لم تفلح كل محاولات الأهل في البحث عنها، هم يبحثون في الحي رافعين صورتها بشكل يومي من دون جدوى، وأغرقوا «فيس بوك» بصورها أيضاً علّ أحدهم سمع عنها شيئاً… من دون أن يفلحوا في إيجادها أيضاً، وفي الوقت نفسه لم يعطِ البلاغ الذي قدموه لقسم شرطة القدم نتيجة، فالطفلة لم تعد!! وينتظر ذوو ملاك عودتها كل يوم دون أمل… كما ينتظرون أن يكلمهم أحد لعله يعطيهم خبراً عن مكانها، أو حتى طلباً للإفراج عنها، خاصة وأن الأحاديث في الحي عن فقدان أكثر من طفل زادت مخاوفهم رغم شكهم بصحتها… في النهاية ابنتهم لم تعد، وفي كل يوم ينقص الأمل في عودتها أكثر… فأين ملاك اليوم؟؟
ترك الجدة وحيدة واختفى
أحمد الشاغوري لم يكن أفضل حالاً، فملاك من الممكن أنها تاهت عن منزلها، أما الشاغوري وهو ابن 13 عاماً فقد خرج من منزل جدته التي يقيم معها في جرمانا ولم يعد منذ حوالي الشهرين، من الصعب على الجدة البحث وليس لديها أي وسائل تواصل اجتماعي، إلا أن الكادر التدريسي في مدرسته حاول مساعدتها، بعد أن زارت المدرسة وأعادت كتب أحمد لأنه خرج ولم يعد… لا تعرف الجدة أين أحمد ولا إذا كان مخطوفاً أو راحلا إلا أن ما تشعر به أنه ليس بمكان آمن، فأين هو أحمد شاغوري اليوم؟؟
18 يوما على الغياب!!
صبي آخر خرج ولم يعد من منطقة المزة في دمشق، خرج أحمد اصفهاني (15 عاماً) من منزله إلى نادي المحافظة للعب الكرة مع رفاقه، وبعد أن خرجوا من النادي لم يره أحد!! بلّغ ذوو أحمد قسم المزة باختفائه، وقاموا بالإجراءات اللازمة حسب ما أكد أحد أقربائه لـ «الأيام»، لكن لا نتيجة حتى الآن…
أحمد غائب منذ 18 يوماً، ولا أحد يعلم عنه شيئاً، اتصالات كثيرة وردت إلى أهله ومحاولات ابتزاز لا حدود لها، لكن بلا نتيجة، فالصبي لم يعد!! فأين هو أحمد أصفهاني اليوم؟؟
فيس بوك»… حل!
الحالات آنفة الذكر هي التي تحدّثت «الأيام» إلى ذوي الأطفال فيها، وهناك حالات كثيرة حدثت خلال الأشهر الماضية، وأطفال آخرون خرجوا ولم يعودوا!! «فيس بوك» كان الوسيلة الأنجح في استعادة الضائعين، حيث استطاع الكثير من الأهالي الوصول إلى أطفالهم الضائعين من خلاله، منهم الطفل أحمد رسلان من مدينة حلب والذي غاب عن بيته يومين، وأعاده فاعل خير قرأ عن اختفائه في أحد صفحات «فيس بوك»، واستطاع التواصل مع أهله… رسلان يعاني من ضمور عقلي وغير قادر على الكلام ومن المحتمل أنه لا يستطيع العودة إلى منزله لو تاه عنه، إلا أن الحالات السابقة كانت لأطفال أصحاء لكنهم لم يعودوا أيضاً!! وهذا كان حال الطفلين الأخوين حسن وحسين أيضاً من مدينة اللاذقية، واللذين ضجت صفحات التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي بصورهما، لكنهما عادا حسب ما أكد ذويهما بعد غياب يوم واحد من خلال التعرف عليهما من قبل شخص وجدهما ورأى صورهما على «فيس بوك».
أطفال آخرون عادوا بعد أن وجدهم أقرباؤهم بشكل شخصي بعد بحث طويل، منهم الطفل أحمد العلي الذي يعاني من مشكلة في النطق حيث ضاع في منطقة جديدة عرطوز… ووجد بعد ساعات طويلة في منطقة المزة.
لا حالات خطف أطفال في محاكم دمشق!!
«الأيام» التقت قاضي التحقيق الثاني في دمشق، محمد خربطلي، للوقوف عند الحالات التي وصلت إلى المحكمة عن مرتكبي هذه الجرائم، إلا أن القاضي أكد أنه لا حالات خطف أطفال وصلت إلى القضاء في دمشق خلال السنوات العشر الماضية!!
وأوضح خربطلي: لدينا الكثير من حالات الخطف في المحاكم السورية، لكن لم تصلنا أي حالة لخطف طفل، الحالات التي تصل إلى المحكمة هي عمليات خطف بقصد طلب فدية، خاصةً في الأزمة أو حتى خطف لارتكاب الفجور وضحاياها من البالغين وليس الأطفال .
ويؤكد قاضي التحقيق أنه منذ 2009 حتى الآن لم يردنا ضبط خطف طفل باستثناء الخطف من قبل أقربائه لخلافات عائلية، وهذا ليس خطفا فعليا، إنما «إبعاد قاصرعن سلطة وليه».
وعن سبب عدم ورود مثل هذه الحالات إلى المحاكم رغم أن مواقع التواصل الاجتماعي تضج بها يقول خربطلي، من الممكن أن المعطيات في جرائم خطف الأطفال فيما لو كانت موجودة لم تكتمل بعد، لذا لم تصل إلى القضاء، مؤكداً أن على أهل المخطوف اللجوء إلى الشرطة فورا، والشرطة بدورها ستتابع الموضوع وستتابع تحركات الطفل، ومن الممكن الوصول إليه عن طريق هاتفه الجوال إذا كان موجودا بالتعاون مع الاتصالات، أما إن لم يكن معه فيتم التحري من الجوار ليصلوا إلى معلومات مفيدة .
وأضاف القاضي: في حال كان هناك عصابات فعلا ستتولى الشرطة الوصول إلى تلك العصابات، وما إن تلقي الداخلية القبض على أحد من خاطفي الأطفال أو تحصر شبهتها بأشخاص معينين، ستصل تلك القضايا بعد ذلك للقضاء بالشكل الطبيعي، ومن الممكن أنه لم يتم ضبط أشخاص متهمين حتى الآن أو أن التحقيقات لم تكتمل بعد.
الداخلية: لم نلق القبض على أحد
من جانب آخر أكد مصدر في وزارة الداخلية لـ «الأيام» أنه لم يتم القبض على عصابات خطف أطفال أو أفراد حتى الآن باستثناء حالات قليلة جداً… وبالرجوع إلى الأخبار التي تنشرها وزارة الداخلية عن المجرمين الذين يتم القبض عليهم تبين وجود حالتين خلال الأشهر القليلة الماضية، الأولى لامرأة من منطقة الكسوة في ريف دمشق خُطفت رضيعتها من «صالون تجميل» عائد لها من قبل امرأة أخذتها إلى جهة مجهولة. تمكنت شرطة ناحية الكسوة من التوصل إلى معلومات تدل على مكان وجود الخاطفة، في إحدى مناطق ريف دمشق وإلقاء القبض عليها وبحوزتها الطفلة الرضيعة. وتبين أن الخاطفة تدعى (س- محمد) وهي تبلغ من العمر 34 عاماً، وبالتحقيق معها اعترفت بإقدامها على خطف الطفلة بتحريض من والدها المقيم خارج القطر الذي وعدها بإبقاء الطفلة لديها لأنها لا تنجب أطفالاً، وذلك من خلال ترددها المستمر إلى صالون الحلاقة، والتقرب من الطفلة، وأخذها إلى السوق بموافقة أمها أكثر من مرة بحجة التسوق، حيث تم تسليم الطفلة المخطوفة إلى والدتها أصولاً، ويجري العمل على تقديم المقبوض عليها إلى القضاء لتنال جزاءها العادل.
خطفه وقتله!!
طفل آخر ورد في أخبار «الداخلية» لكنه فقد حياته على يد خاطفه. ادعى أحد سكان حي التضامن في دمشق إلى فرع الأمن الجنائي بخطف ولده الحدث، وتسلمه ورقة من الخاطفين يطلبون فيها مبلغ ثلاثة ملايين مقابل تركه، ويهددونه بحرق بيته. تمكن فرع الأمن الجنائي في دمشق من التوصل إلى معرفة الخاطف وتبين أنه يدعى (باسم إبراهيم خليل)، تم إلقاء القبض عليه، وبالتحقيق معه اعترف بإقدامه على خطف الطفل المذكور، وقتله، ورمي جثته في حاوية قمامة، والتفاوض مع ذويه وطلب مبلغ ثلاثة ملايين ليرة سورية لقاء تركه، حيث قام باصطحابه بحجة شراء ألعاب له مستخدماً دراجة هوائية قام بسرقتها، واحتجزه ضمن منزل امرأة تربطه بها علاقة، وعند قيام الطفل بالبكاء قام بضرب رأسه بالجدار عدة مرات حتى أغمي عليه، ثم ربطه على كرسي بشريط كهربائي ووضع شريط لاصق على فمه، وتظاهر بأنه يبحث عنه مع ذويه لإبعاد الشبهة عنه، وعندما عاد للمنزل وشاهد المخطوف ينزف قام بركله وضربه وخنقه حتى فارق الحياة، ووضع جثته ضمن كيس نايلون، وأخذ الجثة ورماها في مكب للنفايات. كما اعترف المقبوض عليه بقيامه بالاشتراك مع عدة أشخاص بتشكيل عصابة أشرار، وارتكابهم عدة حوادث قتل وخطف وطلب فدية، وسلب.
عصابات حرة!
هذه الحالات الفردية فعلا، لا تتناسب مع الصور الكثيرة التي ترد عبر مواقع التواصل الاجتماعي للأطفال المخطوفين، فهل هناك خاطف أو عصابة لاتزال حرة تعبث بحرية الأطفال وحياتهم، من دون أن تجد من يوقفها بعد؟؟ الغريب أن حالات الخطف التي وصلت إلى أوجها في سنوات الحرب الأولى انخفضت كثيراً اليوم، فهل عادت لتنشط من جديد بخطف الأطفال؟؟
يقول القاضي محمد خربطلي: خلال الأزمة كثرت حالات الخطف لطلب الفدية خاصة عند الأشخاص ميسوري الحال، حيث كان يرد إلى المحكمة في دمشق بين 2-4 حالات يومياً لخطف بقصد طلب فدية، خاصة عامي 2012 – 2013، أما بعد 2015 فتردنا حالة واحدة بالشهر، وحاليا من النادر أن نواجه مثل هذه الحالات، ويؤكد خربطلي أنه كان هناك عصابات منظمة للخطف، والعملية تتم بشكل منظم بدءاً من مراقبة الشخص إلى الدقة في استلام الفدية. لافتاً إلى أن حالات كثيرة عادت وبعض الحالات كان مجرد ابتزاز لعائلات المخطوفين، والحالات التي عادت كانت بتنسيق وتغطية أمنية، وتم القبض على عدة عصابات. موضحاً أن الخطف بقصد طلب فدية لم يكن موجودا قبل الأزمة، لذا أصدر المشرع مرسوما جديدا نتيجة كثرة الحالات، وهو المرسوم 20 لعام 2013، وفيه مادة خاصة بهذا النوع من الخطف.. وعن الخطف للإتجار بالأعضاء فيؤكد خربطلي مجدداً: لم تردنا هكذا حالات باستثناء حالة عام 2016، كانت إتجارا بالقبور وليست خطفا، حيث اتفق أحد حفاري القبور مع طبيب لتشريح الجثث بعد أن يغادر ذووها بعد الدفن، بأن يأخذ الطبيب الأعضاء التي تعيش أكثر من 72 ساعة، وتم إلقاء القبض على هذه العصابة.
الأشغال الشاقة 15 عاماً
تعدّ عقوبة الخطف بقصد طلب فدية بحسب القاضي جناية، وعقوبتها الأشغال الشاقة من سبع سنوات إلى 15 سنة، أما الخطف للإتجار بالأعضاء فهي جرمين: جناية الإتجار وجناية الخطف. فما هو مصير الأطفال المفقودين؟ خاصة وأن الحالات التي تم التواصل معها أكدت أن الخطف، فيما لو كان خطفاً، ليس بقصد طلب فدية، حيث لم يتواصل أحد مع ذوي المخطوفين، فهل خُطف الأطفال للإتجار بأعضائهم، أم أنهم تاهوا ولم يجدوا من يرشدهم لطريق العودة؟!
المصدر- الأيام- لودي علي
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *