في الصين “زراعة فائقة الجودة”.. وفي سورية “رغيف بنصف كرامة”

في الصين “زراعة فائقة الجودة”.. وفي سورية “رغيف بنصف كرامة”

لجين سليمان يقول الخبر: “ظهر نوع جديد من التفاح يسمى التفاح فائق الجودة في مقاطعة “شنشي” شمال غرب الصين، وهو أحلى مذاقا من التفاح العادي”. ليس هذا فحسب إنما يستفيض الخبر ليتحدث عن ضمان جودة هذا التفاح من خلال خطط تحسين العناية والتي تستند على تحليل صحة وسلامة التربة.   نعم، ففي تلك البلاد تحظى

لجين سليمان

يقول الخبر: “ظهر نوع جديد من التفاح يسمى التفاح فائق الجودة في مقاطعة “شنشي” شمال غرب الصين، وهو أحلى مذاقا من التفاح العادي”.

ليس هذا فحسب إنما يستفيض الخبر ليتحدث عن ضمان جودة هذا التفاح من خلال خطط تحسين العناية والتي تستند على تحليل صحة وسلامة التربة.

 

نعم، ففي تلك البلاد تحظى المزروعات بعناية مكثّفة، فمنذ عام 1966 تم اعتماد شعار “الزراعة كقاعدة والصناعة كقائدة” وهو ما كان يعني في ذلك الوقت تحييد منهج “إعطاء الأولوية للصناعات الثقلية” ويُفسّر الأمر بأنّه إذا كان إعطاء الأولوية لتطوير الصناعة الثقلية قد أحرز عددا من النجاحات خلال فترة ما، فهذا لا ينفي كونه ناقصا لأنه لا يسمح باستثمار العلاقة بين الزراعة والصناعة الخفيفة.

ما سيرد تباعا لا يمتّ للمقارنة بصلة، ولا يشكّل أدنى حد من المقاربات، بل هو أسف وأسى على أراض خصبة، تستحق الاهتمام الكثير إلا أنها مهملة وبشكل كبير، شأنها شأن باقي أرجاء هذا الوطن ذي الخير الوفير، فلنأخذ زراعة الحمضيات مثالا:

منذ أكثر من أربعين عاما تمرّ زراعة الحمضيات في سورية بالمأزق ذاته، فيُفاجأ المعنيون بالأمر ويكتشفون أن حمضياتنا ليست بخير، على اعتبار أن باقي مزروعاتنا جيدة وتحيا في مزارع الخمس نجوم، وفي أحسن الأحوال تعقد جلسات “حامضة” في مجلس الشعب كتدابير وإجراءات وذلك للحديث عن كيفية الحفاظ على الموسم، وكالعادة تنتهي الجلسة بالتأكيد على أن “الفلاح خط أحمر” وأنه في “الموسم القادم سنتلافى الأخطاء لنكون بحال أفضل”.

وفي هذا العام، وبينما كانت سيارات الحمضيات تسعى جاهدة للمرور على الأوتسترادات السورية بأمان وسلام كي تشقّ طريقها إلى الأسواق الخارجية (ما بقي منها) بعد أن قضى معظمها نحبه، كانت الصين تبني في محافظة “آنيو” ما يسمّى بـ “جسر الليمون الصغير” للوصول إلى الأسواق الخارجية بشكل طبيعي ومؤسساتي دون الحاجة إلى واسطات كي يمرّ المحصول بدورة حياته الطبيعية.

تخليد “الفلاح والعالِم”

لا يقتصر الأمر هنا في الصين على الاهتمام بزيادة الإنتاج بل يُحرص على تكريم المساهمين في زيادة الإنتاج في المجال الزراعي، ففي أيار من العام الفائت كان طلاب المدارس والجامعات يتحدثون بحزن عن وفاة المهندس الزراعي والعالم الصيني الشهير “يوان لونج بينج” المعروف بلقب “أبو الأرز الهجين”، بعد صراع مع المرض عن عمر ناهز 91 عاما أمضاها في حياة حافلة ساهم خلالها فى توفير الأمن الغذائى للملايين من الشعب الصيني وحول العالم، وكان مرشّحا لجائزة نوبل للسلام عام 2014.

عمّ الحزن مختلف أرجاء البلاد، وحتى اللحظة كلّ من يسكب الرز في وعاء على وجبة غداء أو عشاء لا بد من أن يتذكّره، ليس لأن الشعب الصيني يخلّد علماءه فحسب، بل لأنّ الدولة رسخّت التخليد كقيمة عليا لمن يعمل من أجل الوطن.

ليس فقط في الصين إنما يروي الكتاب الياباني “a compass to fulfillment” لكاتبه “كازو لانموري” في أحد فصوله عن “نينوميا سونتوكيو” وهو فلاح ياباني غير متعلم ولد وترعرع في بيئة فقيرة كان يذهب كل يوم قبل الفجر ويعمل حتى آخر الليل بمحراثه وحيدا…ومن خلال عمله وجهده الكثيف حوّل مجموعة من القرى الفقيرة إلى قرى مزدهرة ولهذا فقد دعته حكومة اليابان آنذاك إلى القصر لتكريمه على عمله البطولي، حيث تم دمجه مع الطبقة الحكومية الرفيعة.

أما في سورية، وعلى الرغم من رفع شعار “العيش بنصف الرغيف ممكن وبنصف الكرامة غير مقبول”، فقد فات صناع القرار أنه وحتى نصف الرغيف هذا لن يأتي إلا من فلاح شعر بقيمته وبقيمة أرضه.

أخيرا وعلى سبيل التحذير يقول المؤرخ الروسي “فلاديسلاف زوبوك” في كتابه “الانهيار” والذي يتحدث عن انهيار الاتحاد السوفيتي: “شاعت نظرةُ بعد السّقوط مفادها أنّ المجمع العسكري-الصناعي السوفياتي كان بضخامته وكلفته الباهظة، من أهمّ أسباب الفشل الاقتصادي والانهيار، ولكن نزيف الاقتصاد الحقيقي كان في القطاع الزراعي وعشرات مليارات الروبلات التي تُنفق على دعمه، والصناعات التي تنتج أكواماً من السّلع لا يريدها أحد”.

المصدر _هاشتاغ

Posts Carousel

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

Latest Posts

Top Authors

Most Commented

Featured Videos