لحظة بلحظة.. العقد الأول

لحظة بلحظة.. العقد الأول

أسامة يونس قد يكون لسوريا والسوريين أكثر من سبب يجعل اهتمامهم بما يجري في أوكرانيا مضاعفا. “لحظة بلحظة..” عنوان تصدر موقع وكالة “سانا” وهي تعد تفاصيل تطورات اليوم الأول.. ثم الثاني، ثم.. الألف، لما يجري في أوكرانيا، بينما الإعلام السوري كان يسبق حتى مثيله الروسي في بث بيانات وزارة الدفاع الروسية على شكل أخبار عاجلة.

أسامة يونس

قد يكون لسوريا والسوريين أكثر من سبب يجعل اهتمامهم بما يجري في أوكرانيا مضاعفا.

“لحظة بلحظة..” عنوان تصدر موقع وكالة “سانا” وهي تعد تفاصيل تطورات اليوم الأول.. ثم الثاني، ثم.. الألف، لما يجري في أوكرانيا، بينما الإعلام السوري كان يسبق حتى مثيله الروسي في بث بيانات وزارة الدفاع الروسية على شكل أخبار عاجلة.

ذلك، في بلد يطوي العقد الأول من حرب أوصلته ليكون من بين الدول العشر الأدنى في العالم، ليس فقط في مستويات الفقر، بل التي تعاني “انعداماً في الأمن الغذائي”، حسب تقرير أممي، أحصى فيه أكثر من 14 مليون محتاج للمساعدات.

وفي بلد كان يحسب التطورات بالأيام: الأول فالثاني، ثم بالأسابيع: جمعة فأخرى، ثم بالسنين، وهو الآن يتجاوز العقد الأول من الخراب، ويحصي “لحظة بلحظة”:

عبوة زيت واحدة في الشهر، ثلاثة أرغفة ونصف الرغيف في اليوم، 1200 حبة رز، 118 هدفا أوكرانيا، و5 طائرات، ومحطة تشيرنوبل.

خلال أيام صارت لوغانسك، دونيتسك، دونباس، من المفردات اليومية، في بلد عقدت فيه الحكومة جلسة استثنائية لتقول: “ترى اللي جاي أسوأ” وما زال ممكنًا أن تشدوا الأحزمة أكثر.

“جلسة استثنائية”.. كم مرة فعلتها الحكومة؟ لا أذكر مثلاً سوى الجلسات الخاصة “بتدابير مواجهة كورونا” وتلك التي ارتكبتها الحكومة لتحكي كثيرًا عن التطورات في دونباس، وعن التأثير على العالم، دون أن تفهم، أو نفهم، سوى: “استعدوا لمرحلة أخرى”.

أكثر من سبب يجعل السوريين يتابعون ما يجري هناك في “جبهتنا” شرق أوروبا: هناك من ينتظر نصرًا مؤزرًا من “الحليف”، وهناك من ينتظر ردًا صاعقًا من “الناتو”، ثمة من يسخر، ومن يصفق لكل حرب يخوضها قوي، وهناك من لا تعنيه سوى صور المجندات، هناك من يؤدي دور “من يعنيه كل شيء”، وهناك من لا يعنيه أي شيء على الإطلاق.

وهناك أيضًا من تجثم كل الأخبار عبئًا جديدًا فوق صدره، وتصبح التصريحات والصور والابتسامات، رصاصًا يوجه إليه.

يمكن أن يقال الكثير عما وراء كل موقف، لكن ليس من الصحيح، ولا الممكن، أن تعرف أي موقف يمثل معظم السوريين، رغم كل ما يُرمى في وجهك سواء على مواقع التواصل أو وسائل الإعلام.

المنشورات المعدة مسبقًا، لتُوزّع على شبكات التواصل، كما يوزع السكر والرز، يتيمة.. وابنة غير شرعية حتى لمن يعيد نسخها، و”النكات” الغبية، ثقيلة الدم، والصور التي يبدو ناشروها كأنهم يسخرون من أنفسهم، قبل أن يسخروا من الآخرين.

كلها، وكما في كل قضية أخرى، ليست “السوريين”.

لماذا نهتم بالحرب؟ لأن الأسلحة المستخدمة هناك، تستخدم هنا، والمتصارعون هناك، يتصارعون هنا، ولأن الأقوياء يخوضون صراعاتهم في أراضي الحلفاء، إذ أن “النووي” يلوح في أفق أي تهديد مباشر في أراضيهم، ولأن أمد الصراع إن طال، سيعني أن علينا أن نعد عقودًا أخرى، في انتظار بداية حل.

ولأن الحرب حرب، في كل زمان ومكان، وهي أسوأ ما يفعله البشر، وربما لا يجاريها سوءًا إلا ما يرافقها من استغباء متعمد يجعل مزيدًا من الحروب ممكنا دومًا.

المصدر- الفينيق

Posts Carousel

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

Latest Posts

Top Authors

Most Commented

Featured Videos