رسمياً.. 325 ألف ليرة شهرياً متوسـط الإنفاق التقديري للأسرة لعام 2018.. خبراء الاقتصاد: الضرائب يدفعها المواطن ويعفى منها القطاع الخاص

رسمياً.. 325 ألف ليرة شهرياً متوسـط الإنفاق التقديري للأسرة لعام 2018.. خبراء الاقتصاد: الضرائب يدفعها المواطن ويعفى منها القطاع الخاص

الحقيقة في أحدث دراسة للمكتب المركزي للإحصاء يؤكد المؤكد لكن بالأرقام، فمتوسط الإنفاق التقديري للأسرة السورية لعام 2018 بلغ 325 ألف ليرة، في حين لا يصل أعلى راتب موظف إلى 100 ألف ليرة، فمن أين نعيش؟ يكشف اقتصاديون أن نسبة ممن هم تحت خط الفقر كثر قياساً مع10% هم أثرياء مع انعدام كامل للطبقة الوسطى.

الحقيقة

في أحدث دراسة للمكتب المركزي للإحصاء يؤكد المؤكد لكن بالأرقام، فمتوسط الإنفاق التقديري للأسرة السورية لعام 2018 بلغ 325 ألف ليرة، في حين لا يصل أعلى راتب موظف إلى 100 ألف ليرة، فمن أين نعيش؟ يكشف اقتصاديون أن نسبة ممن هم تحت خط الفقر كثر قياساً مع10% هم أثرياء مع انعدام كامل للطبقة الوسطى.
في هذا التحقيق نسلط  الضوء على حياة المواطن المعيشية، وما آلت إليه خلال فترة الحرب على سورية، وماهي آراء الباحثين الاقتصاديين في هذا الموضوع، والحلول التي من شأنها تحسين المستوى المعيشي للفرد..

325 ألفاً حاجة الأسرة شهرياً 

مدير إحصاءات التجارة والأسعار في المكتب المركزي للإحصاء بشار القاسم كشف أنه وفي أحدث دراسة لمتوسط الإنفاق التقديري للأسرة السورية لعام 2018 بلغ 325 ألف ليرة شهرياً، مشيراً إلى أنّ هذا لا يعكس الواقع وذلك بسبب تغير النمط الاستهلاكي وفق معطيات الحرب الذي أدى إلى ظهور إنفاق بات ضرورياً للأسرة إلى جانب الغذاء كالإيجارات ونفقات النقل والرسوم الجديدة ونفقات التعليم، وتالياً فرض تغيير النمط الاستهلاكي ليتكيف إنفاق الأسرة مع دخلها الذي لم يرتفع بوتيرة ارتفاع الأسعار نفسها، موضحاً أنّ هذا مؤشر على ارتفاع نسبة الفقر والذي يتم تقديره من مسوحات ودراسات معمقة لم يتسن للمكتب تنفيذها أهمها عدم وجود استقرار سكاني في الفترة السابقة، إضافة إلى أنّ تكاليف تنفيذ مسح دخل ونفقات الأسرة مرتفعة وبحاجة إلى دعم حكومي، وأيضاً يحتاج إلى تضافر وتعاون المؤسسات ذات الصلة بالدراسة.

الأمن الغذائي 

وأما فيما يتعلق بالأمن الغذائي، يقول مدير إحصاء التجارة والأسعار: إن دراسات المكتب المركزي للإحصاء تشير إلى أن نسبة السكان غير الآمنين غذائياً عام 2015 وصلت إلى 33% من سكان سورية، بينما انخفضت في عام 2017 إلى 31,2% وهذا لا يعني أنّ غير الآمنين غذائياً هم الأسر الفقيرة وفقاً لمعايير مفهوم الأمن الغذائي الذي يشير إلى قدرة أفراد المجتمع باختلاف إمكاناتهم المادية والاجتماعية والاقتصادية على الحصول على الغذاء الصحي بشكل آمن ومضمون، حيث يكون هذا الغذاء ملبياً لحاجاتهم للتغذية الضامنة لحياة مفعمة بالنشاط والصحة وأنه وفقاً لهذا المفهوم يمكن التمييز بين أربعة مكونات رئيسة للأمن الغذائي، وهي توافر الغذاء بكميات كافية للأفراد على اختلاف أساليب الحصول عليه، وإمكانية الحصول على الغذاء من الأفراد على اختلاف توزيعاتهم وفقاً لشرائح الدخل وأيضاً الغذاء الآمن أي صلاحيته للاستهلاك البشري، وأخيراً الثبات بمعنى توافر الغذاء من دون حدوث أي تغيير على الأبعاد السابقة وفي مختلف الظروف والأحوال .
أما المعرضون لانعدام الأمن الغذائي عام 2015 فبلغت نسبتهم 51% لتنخفض عام 2017 إلى 45.5%، بينما نسبة الآمنين غذائياً كانت عام 2015 هي 16% من السكان، وقد ارتفعت النسبة إلى 23,3% عام 2017.
وكشف القاسم أن مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك يقيس متوسط التغير على مر الزمن في الأسعار التي يدفعها المستهلكون لسلة السوق من السلع والخدمات الاستهلاكية الذي يعكس نسبة ارتفاع الأسعار حسب سلة المستهلك من سنة الأساس المعتمدة وهي 2010 والسنوات اللاحقة، لافتاً إلى أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك لعام 2017 بلغ 782,9% بتضخم سنوي بلغ 18,08% عن عام 2016 الذي حقق رقماً قياسياً وقدره 662,9%، في حين بلغ الرقم القياسي التقديري للأسعار عام 2018 ( 792% ) بنسبة تضخم سنوي عن عام 2017 بلغ 1,16 %، ما سبب ارتفاعاً في الأسعار التي كانت تشهد انخفاضاً ملحوظاً مع استقرار نسبي نحو الانخفاض للمواد الثابتة كالأثاث والسيارات.

تحول لحلم

وأمام واقع كهذا يقول الموظف أمجد: إن تأمين لقمة العيش تحول إلى هاجس يقلقنا ليل نهار، ويؤكد أمجد أنه قبل أن يأتي الراتب يذهب لتسديد الديون، فأنا موظف وراتبي 40 ألف ليرة وعندي ثلاثة أولاد وزوجتي موظفة أيضاً ومع ذلك ودعنا اللحوم الحمراء ونسينا طعمها منذ سنوات وتدريجياً بدأنا نودع لحم الفروج .
لافتاً إلى أنّ المشكلة الأكبر أيضاً في الأعباء الإضافية وعند تسديد فواتير الماء والكهرباء والهاتف التي ارتفعت رسومها بدرجة كبيرة، والمفارقة أنها تعفي التجار والصناعيين من الضرائب والرسوم بينما تلزم الفقراء والموظفين بتسديدها.
أما فاطمة «موظفة» فتقول: عائلتي مكونة من سبعة أفراد، ونحتاج مصروفاً في الشهر لا يقل عن 200 ألف ليرة لتأمين الحدود الدنيا، بينما راتبي وزوجي لا يتجاوز70 ألف ليرة ، مؤكدة أنها إذا أرادت عائلتها أن يقتصر طعامها يومياً على سندويش فلافل وتطبيق هذا الأمر على مدار الشهر، فيكون ثمن ثلاث وجبات فلافل يومياً هو 4200ليرة أي 126 ألف ليرة شهرياً.
بينما يقول عادل «بائع خضر» إنّ ما يساعده في تدبير أموره هي المساعدات المادية التي يرسلها له أخوه الذي يعيش في المغترب وهي بحدود 100 ألف ليرة شهرياً، ما يساهم في تسديد أجرة بيته.
مشكلات مستمرة

للاقتصاديين آراؤهم بالواقع المعيشي للمواطن، الباحثة الاقتصادية الدكتورة نسرين زريق أكدت أنّ المواطن يتعرض لمشكلات اقتصادية مستمرة نتيجة معالجتها بشكل مؤقت حيث لا يتم البحث عن أصل المشكلة، الذي هو خلل في الإنتاج وضرورة صيانة معامله سواء المصفاة من أجل الوقود أو معالجة معامل الغاز المنزلي التي تحتاج إعادة تفعيل، لافتة إلى أنه لا يتم توجيه المستثمرين إلى زيادة معامل الغاز لتغطية حاجة السوق المستمرة والمتزايدة بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني.

وأشارت د. زريق إلى أنه لا يوجد اقتصاد دولة في العالم يسعى إلى تخفيض الشراء لأنّ السوق يقوم دائماً على الطلب، وأنّ تخفيض الطلب هو أسوأ الحلول التي تقدم لحل مشكلة اقتصادية، من هنا نقول: إنّ الحل يجب أنّ يكون في زيادة العرض من المنتجات حسبما يحتاجه السوق، فتحالفنا مع دول يتوافر لديها البترول والوقود وحليب الأطفال يساهم في كسر الحصار.

وأوضحت د. زريق أن سورية تأتي في مراتب متأخرة من حيث الرواتب والأجور على مستوى العالم، فإذا وصل الراتب إلى 200 ألف ليرة فلن يتناسب مع الأسعار الحالية التي ترتفع وتتضخم بشكل مستمر لافتة إلى أنّه في سورية أعلى نسبة تضخم في العالم.

استمرار الحصار الاقتصادي 

دكتور الاقتصاد هيثم عيسى يقول: إنّ وتائر الحرب أصبحت أقل وطأة وإن الانتصارات العسكرية أعادت أجزاء كبيرة من الجغرافيا السورية إلى سيطرة الدولة، وتالياً فإنّ ذلك يجب أن يؤدي إلى تخفيف الضغط الاقتصادي وتحويل حجم أكبر من الموارد للاهتمام بمعيشة المواطنين، لكن هنا يجب الإرشارة إلى استمرار أغلبية الإجراءات الاقتصادية القسرية التي بدأت مع الحرب ولم تنته معها، ومن جهةٍ ثانية فإنّ إعادة ترميم وتأهيل المناطق التي عادت إلى سيطرة الدولة قد استحوذت على جزء كبير من الموارد المادية التي تمّ توفيرها مع توقف الحرب في مناطق واسعة من سورية، مشيراً إلى أنه لا يمكن القول: إنّ الإدارة الحكومية قد أنجزت خطة تحوّل ناجحة تماماً لانطلاقة الاقتصاد السوري على أسس متينة بعد تحرير أغلبية الأراضي السورية ويأتي في مقدمة متطلبات هذه الخطة وضع برنامج واقعي للإصلاح الإداري والشروع بتنفيذه.. وكاقتصادي أقول: لا يمكن تحقيق تقدم أو تطوير اقتصادي، ولاسيما بعد فترة أزمة ترهلت فيها الإدارات وانتشر فيها الفساد أكثر وأكثر في مفاصل العمل الحكومي من دون عملية إصلاح إداري واقعية ومدروسة.

وختم د: عيسى بالقول: إنه على مستوى الاقتصادي الكلي هناك عدم وضوح فيما يتعلق بأساسيات الاقتصاد مثل طبيعة هوية الاقتصاد الوطني، والدعم وآليات الاستهداف الخاصة به، والسياسات المالية والنقدية حيث ينعكس عدم الوضوح هذا في ضياع جزء كبير من الجهود الاقتصادية الوطنية من دون تحقيق فائدة ملموسة.

بينما تؤكد دكتورة الاقتصاد رشا سيروب أنه ليس أدل على مظاهر انتشار الفقر من الأرقام، ففي عام 2017 تم تصنيف سورية من ضمن الدول منخفضة الدخل، حيث لم تعد ضمن مجموعة الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض، ويعني ذلك أن وسطي دخل الفرد أقل من 995 دولاراً سنوياً (أي أقل من 36 ألفاً شهرياً)، وتشير جميع البيانات الصادرة عن المؤسسات الدولية إلى أن أكثر من 80% من السوريين فقراء.

د. سيروب ذكرت أنه لم يعد ينظر للفقر باعتباره الفقر المادي فقط، وأنّ خطورة الفقر تكمن في أنه يعني حرمان الأفراد من القدرة، وهذا ينعكس على قدرتهم في المشاركة في اتخاذ القرار وفي المساهمة في تحقيق التنمية، لذلك فقد كان «القضاء على الفقر» الهدف الأول من أصل الأهداف الـ 17 للتنمية المستدامة للعام 2030.

وتؤكد أنه لا يمكن تجاهل الإجراءات الاقتصادية القسرية على الاقتصاد المحلي، لكن كان في إمكان السياسات الحكومية أن تسهم في التقليل من هذه الآثار وفي الحد من وطأتها وخاصة الفئات الأكثر فقراً وحرماناً، مشيرة إلى أنّ الحكومة قامت باتباع سياسات مالية تقشفية تزامنت مع تخفيض فرص العمل في القطاع الحكومي، يضاف لذلك تخفيض عدد فرص العمل في موازنة 2018 لتكون الأقل مقارنة مع موازنات السنوات السابقة لتصبح 51681 فرصة عمل وهي أقل بـ 4818 فرصة عمل مقارنة بالعام 2017،

وفي ظل انخفاض الأجور وارتفاع الأسعار تتدخل عادة الدول للتخفيف من تدهور مستويات المعيشة عن طريق الدعم، لكن ما حصل في موازنة 2018 كان تراجع الدعم، حيث بلغ الدعم الاجتماعي 657,45 مليار ليرة مقابل الفروقات السعرية (الواردة كإيراد ضمن الإيرادات العامة) التي بلغت 766,81 مليار ليرة، وبذلك فإن الحكومة قامت بتمويل الخزانة العامة بمقدار 100 مليار ليرة من خلال ارتفاع الأسعار، وهو ما ساهم من زيادة حدة الفقر وزيادة أعباء الحياة اليومية على المواطن، وأنه يضاف إلى ذلك (إن لم نقل انعدام) ضعف الرقابة على الأسواق وهو ما بدا واضحاً وجلياً في استمرار ارتفاع معدلات التضخم التي تجاوزت 1000% في بعض السلع.

1750 مليار ليرة قيمة التهرب الضريبي 

وتتساءل د. سيروب إذا كانت الحكومة تعاني نقص الموارد فلماذا لا تقوم بتحصيل استحقاقها الضريبي من خلال ضبط التهرب الضريبي الذي يقدر وفقاً لبعض الاقتصاديين بحدود 1750 مليار ليرة أي ما يعادل 30% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي وما يقارب 55% من موازنة 2018 وأربعة أضعاف كتلة الرواتب والأجور، مشيرة إلى أن الحكومة لا تزال تعتمد على تمويل الموازنات العامة من حسابات القطاع العام من دون إشراك القطاع الخاص (الذي تعده شريكاً في بناء سورية)، كيف يمكن تفسير زيادة حجم فائض الموازنة – وهو حصة الدولة من أرباح القطاع العام الاقتصادي بعد اقتطاع الأرباح- بأنه قطاع خاسر بينما تتجاوز حصته 20% من حجم الاعتمادات.

وبينت د. سيروب أنه من بين السياسات التي أرهقت المواطن زيادة العبء الضريبي، في الوقت ذاته تطرح الحكومة مشروع قانون استثمار جديد وتقترح في إحدى نسخه إعفاءات ضريبية تصل إلى 100% مع تحمل جزء من النفقات التشغيلية للقطاع الخاص مدة تتجاوز 14 عاماً، وفي نسخة أخرى تقترح أن تكون هذه الإعفاءات دائمة، ألا يعني هذا إعفاء الحكومة للقطاع الخاص من تحمل مسؤوليته الاجتماعية تجاه الوطن والمواطن!، ألا يعني هذا مزيداً من الأعباء الضريبية على ذوي الدخل المحدود الذين أصبحوا جميعاً ضمن شريحة الفقراء!

حلول مقترحة

د. سيروب أشارت إلى أن من يدير عجلة الإنتاج من شأنه اتخاذ إجراءات تساعد على دوران العجلة لذلك نقول إنه لا بد من:
1- زيادة الحد الأدنى للرواتب والأجور بما يضمن متطلبات الحياة المعيشية.
2- توجيه السياسات الاقتصادية لتستهدف الفئات الأكثر تضرراً وحرماناً وهم ذوو الشهداء ومصابو الحرب والمهجرين.
3- عودة الدولة للتدخل في النشاط الاقتصادي فقد أثبت الواقع عدم جدوى ترك قوى السوق والقطاع الخاص في تعبئة فراغ انسحاب بعض الإدارة من نشاطاتها الاقتصادية والاجتماعية.
4- القضاء على التشوهات السعرية والقوى الاحتكارية واتخاذ إجراءات صارمة للحد من احتكار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية،
5- النهوض بالقطاع العام الصناعي وأولوية تقديم الدعم للقطاع الصناعي الخاص على القطاع السياحي والتجاري والخدمي.
6- تحسين القدرة التنافسية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعمها بشكل حقيقي وفعلي مضمناً ومحمياً بالقوانين أسوة بما يتم طرحه في ضمان حقوق المستثمرين في قوانين الاستثمار وليس بالاعتماد فقط على التصريحات.
7- تفعيل برامج الحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي.
8- ضبط مكامن الفساد والخلل الإداري وعد التهرب من الضريبة إضراراً بالمصلحة العامة والأمن القومي.

المصدر- تشرين- ميليا إسبر

الحقيقة

Posts Carousel

اترك تعليقاً

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *

Latest Posts

Top Authors

Most Commented

Featured Videos