سومر إبراهيم ربما يستهجن الكثير من السوريين في هذه الأيام الحديث عن مصطلحات من قبيل “الصمود، والتحمل، والصبر ، وغيرها” في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سورية وتنعكس مباشرة على دخل الفرد والقدرة الشرائية له، وبالتالي على معيشته، وربما من غير المقبول أن نحدثهم خارج شجونهم ومعاناتهم اليومية بما ينظرون إليه أنه شعارات
سومر إبراهيم
ربما يستهجن الكثير من السوريين في هذه الأيام الحديث عن مصطلحات من قبيل “الصمود، والتحمل، والصبر ، وغيرها” في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سورية وتنعكس مباشرة على دخل الفرد والقدرة الشرائية له، وبالتالي على معيشته، وربما من غير المقبول أن نحدثهم خارج شجونهم ومعاناتهم اليومية بما ينظرون إليه أنه شعارات وخطابات.
ولكن.. لو خرجنا من صندوق هذه الفكرة المغلقة وبحثنا عمّا أوصلنا إليها، بعد سنين عجاف طويلة من الحرب العسكرية والاقتصادية والإعلامية وحتى الاجتماعية والنفسية، وما نتج عنها من تهديم وتدمير للبنى التحتية للدولة وللمجتمع وللأسرة وللفرد وحتى للقيم والأعراف والأخلاق، لوجدنا أن بقاءنا على ما نحن عليه الآن و”كل ينظر إلى نفسه” ليس له إلا معنى واحد فقط، هو “الصمود” بشكل فطري وتلقائي، مردّه إلى حبنا للحياة والبقاء والاستمرار ولارتباطنا الوثيق بهذه الأرض الطيبة ولثقتنا المطلقة بالقضية التي ناضلنا جميعاً لأجلها كل من مكانه وكل بطريقته.
ربما كان من المبكر أيضاً بعد الانتصارات العسكرية في أغلب الأراضي السورية وتطهيرها من رجس الإرهاب، وما رافقها من تضحيات بالأرواح والدماء والأجساد من قبل رجال الجيش العربي السوري، أن نبادي المواطن بأن الحرب انتهت وأنه بات من الطبيعي أن يشعر بنشوة النصر والرخاء وانفراج الأحوال لينصدم أن الحقيقة عكس ذلك، لأن منعكسات الحروب العسكرية وخاصة إن كانت طويلة الأمد واستنزافية كحربنا تكون أكثر خطورة وقسوة من الحرب نفسها، ونتائجها أكثر كارثية وخاصة إذا كانت هذه الحرب لم تنته بالأصل ولبست لبوساً ثانياً من الضغوط والحصار والتجويع الاقتصادي، ورافقها هذا الوباء العالمي “كورونا”.
لنعود لقصة الصمود أو دعونا نسميه “الصبر المر” ألم نحصد الآن إلى حد ما نتائج ما صبرنا، كل يذهب إلى عمله وكل يتقاضى راتبه على ضآلته، الموظف تابع عمله، والطالب يذهب إلى مدرسته والجامعي إلى جامعته، والفلاح إلى حقله والعامل إلى معمله، وبقيت شبكات المياه والكهرباء والمشافي والمستوصفات وعادت كل مؤسسات الدولة للعمل، وووو وهذا كله نتاج تضحيات وصمود شعب بكل مكوناته وبقيادة متماسكة وحكيمة، وهذه ليست شعارات ، بل حقيقة…
لو تساءلنا الآن: لماذا نصمد أو نصبر ونحن في ذروة العاصفة..!!؟؟ وهل نترك السفينة تحترق وتغرق بعد أن أوصلناها لبر الأمان وما بقي إلا بضع خطوات..!!؟؟ والسؤال الأهم: ما الفائدة إذا شتمنا الدولة ولعنّا الوطن ..!!؟؟
نصمد ونصبر .. لأجل القائد الذي بادلناه الثقة والحب، نصمد.. لأجل الجيش الذي أعطانا أكثر بكثير مما أعطيناه وقدم عشرات أضعاف ما قدمنا، نصمد.. من أجل من رحل واستشهد وهو مؤمن أن تضحيته لن تذهب سداً.. نصمد: لأجل جراح من فقد أحد أعضاء جسده وهو حامل بندقيته وما تخلّى، نصمد .. من أجل أمّ قدمت فلذة كبدها ولم تنحن، نصمد.. من أجل أب فقد بصره ولم يبك، نصمد لأجل مستقبل أطفالنا الذين لا يعرفون الآن ماذا ينتظرهم غداً، نصمد.. لأجل دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس ودير الزور والرقة والحسكة وكل محافظة وقطعة وشبر أرض شربت من أطهر الدماء، نصمد لأجل ارتباطنا بالأرض والعرض والعَلَم .. نصمد لأجل التاريخ، نصمد.. لأجل سورية ولأجل النصر.
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *